للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لاتخذناه مِنْ لَدُنَّا} (١) أي: لو أردنا أن نتخذ امرأة وولدا، لاتخذنا ذلك عندنا لا عندكم، لأن زوج الرجل وولده، يكونان عنده وبحضرته، لا عند غيره. والأمم كلها -عربيها وعجميها- تقول: إن الله تعالى في السماء ما تركت على فطرها، ولم تنقل عن ذلك بالتعليم. وفي الحديث إن رجلا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأمة أعجمية للعتق، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أين الله تعالى؟ ". فقالت: في السماء، قال: "فمن أنا" قالت: أنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال عليه الصلاة والسلام "هي مؤمنة" وأمره بعتقها (٢) -هذا أو نحوه وقال أمية بن أبي الصلت:

مجدوا الله وهو للمجد أهل ... ربنا في السماء أمسى كبيرا

بالبناء الأعلى الذي سبق النا ... س. وسوى فوق السماء سريرا

شرجعا ما يناله بصر العيـ ... ـن ترى دونه الملائك صورا

و"صور" جمع "أصور" وهو المائل العنق. (٣)

- قال أبو محمد: ثم نصير إلى الجاحظ، وهو آخر المتكلمين، والمعاير على المتقدمين، وأحسنهم للحجة استثارة، وأشدهم تلطفا، لتعظيم الصغير، حتى يعظم، وتصغير العظيم حتى يصغر، ويبلغ به الاقتدار إلى أن يعمل الشيء ونقيضه، ويحتج لفضل السودان على البيضان. وتجده يحتج مرة للعثمانية على الرافضة، ومرة للزيدية على العثمانية وأهل السنة. ومرة يفضل عليا رضي الله


(١) الأنبياء الآية (١٧).
(٢) سيأتي تخريجه في مواقف أبي عمرو السهروردي سنة (٤٥٨هـ).
(٣) تأويل مختلف الحديث (٢٧٠ - ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>