للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الجلود الثانية هي الأولى أعيدت كما يعاد الميت بعد البلى. قال: وقوله: {لا تَسْأَلُوا عَنْ أشياء إِنْ تبد لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (١) وإنما يكره السؤال رديء السلعة لئلا تقع عليه عين التاجر فيفتضح.

فانظروا إلى عامية هذا الأحمق الملعون وجهله، أتراه قال: لا تسألوا عن الدليل على صحة قولي؟ إنما كانوا يسألون فيقول قائلهم: من أبي؟ فقال: {لا تَسْأَلُوا عَنْ أشياء} يعني من هذا الجنس، فربما قيل للرجل أبوك فلان وهو غير أبيه الذي يعرف فيفتضح. قال: ولما وصف الجنة، قال: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} (٢) وهو الحليب، ولا يكاد يشتهيه إلا الجياع، وذكر العسل ولا يطلب صرفا، والزنجبيل وليس من لذيذ الأشربة، والسندس يفرش ولا يلبس، وكذلك الاستبرق الغليظ، قال: ومن تخايل أنه في الجنة يلبس هذا الغليظ ويشرب الحليب والزنجبيل صار كعروس الأكراد والنبط. فانظروا إلى لعب هذا الملعون المستهزئ وجهله ومعلوم أن الخطاب إنما هو للعرب وهم يؤثرون ما وصف، كما قال: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (٢٨) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} (٣)، ثم إنما وصف أصول الأشياء المتلذذ بها، فالقدرة قد تكون من اللبن أشياء كالمطبوخات وغيرها ومن العسل أشياء يتحلى بها، ثم قال عز وجل: {وفيها


(١) المائدة الآية (١٠١).
(٢) محمد الآية (١٥).
(٣) الواقعة الآيتان (٢٨و٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>