للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاقل يقول: ليس إيقاع اسم الوجه للخالق البارئ بموجب عند ذوي الحجا والنهى أنه يشبه وجه الخالق بوجوه بني آدم. قد أعلمنا الله جل وعلا في الآي التي تلوناها قبل أن لله وجهاً ذواه بالجلال والإكرام ونفى الهلاك عنه. وخبرنا في محكم تنزيله أنه يسمع ويرى؛ فقال جل وعلا لكليمه موسى ولأخيه هارون صلوات الله عليهما: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أسمع وأرى} (١) وما لا يسمع ولا يبصر كالأصنام التي هي من الموتان، ألم تسمع مخاطبة خليل الله صلوات الله عليه أباه؟ {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} (٢)، أو لا يعقل -يا ذوي الحجا- من فهم عن الله تبارك وتعالى هذا أن خليل الله صلوات الله عليه يوبخ أباه على عبادة ما لا يسمع ولا يبصر، ولو قال الخليل صلوات الله عليه لأبيه: أدعوك إلى ربي الذي لا يسمع ولا يبصر، لأشبه أن يقول: فما الفرق بين معبودك ومعبودي؟ والله قد أثبت لنفسه أنه يسمع ويرى.

والمعطلة من الجهمية تنكر كل صفة لله جل وعلا وصف بها نفسه في محكم تنزيله، أو على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - لجهلهم بالعلم، وقال عز وجل: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (٤٣) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ


(١) طه الآية (٤٦) ..
(٢) مريم الآية (٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>