للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شفتاك كشفتي كلب، ولا خدك خد ذئب، إلا على المشاتمة كما يرمي الرامي الإنسان بما ليس فيه؛ فإذ كان ما ذكرنا على ما وصفنا ثبت عند العقلاء وأهل التمييز أن من رمى أهل الآثار القائلين بكتاب ربهم وسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - بالتشبيه؛ فقد قال الباطل والكذب والزور والبهتان، وخالف الكتاب والسنة، وخرج من لسان العرب.

وزعمت المعطلة من الجهمية أن معنى الوجه الذي ذكر الله في الآي التي تلونا من كتاب الله وفي الأخبار التي رويناها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما تقول العرب: وجه الكلام ووجه الثوب ووجه الدار، فزعمت -لجهلها- أن معنى قوله: وجه الله كقول العرب وجه الكلام ووجه الدار ووجه الثوب، وزعمت أن الوجوه من صفات المخلوقين؛ وهذه فضيحة في الدعوى، ووقوع في أقبح ما زعموا أنهم يهربون منه؛ فيقال لهم: أفليس كلام بني آدم والثياب والدور مخلوقة؟ فمن زعم منكم أن معنى قوله وجه الله كقول العرب وجه الكلام ووجه الثوب ووجه الدار، أليس قد شبه على أصلكم وجه الله بوجه الموتان؟ لزعمكم -يا جهلة- أن من قال من أهل السنة والآثار القائلين بكتاب ربهم وسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم -: لله وجه وعينان ونفس، وأن الله يبصر ويرى ويسمع؛ أنه مشبه عندكم خالقه بالمخلوقين، حاش لله أن يكون أحد من أهل السنة والأثر شبه خالقه بأحد من المخلوقين؛ فإن كان على ما زعمتم بجهلكم فأنتم قد شبهتم معبودكم بالموتان. نحن نثبت لخالقنا جل وعلا صفاته التي وصف الله عز وجل بها نفسه في محكم تنزيله أو على لسان نبيه المصطفى - صلى الله عليه وسلم - مما ثبت بنقل العدل عن العدل موصولاً إليه، ونقول كلاماً مفهوماً موزوناً يفهمه كل

<<  <  ج: ص:  >  >>