واحذر صغار المحدثات من الأمور، فإن صغير البدع يعود حتى يصير كبيراً، وكذلك كل بدعة أحدثت في هذه الأمة، كان أولها صغيراً يشبه الحق فاغتر بذلك من دخل فيها، ثم لم يستطع الخروج منها، فعظمت وصارت دينا يدان بها، فخالف الصراط المستقيم، فخرج من الإسلام.
فانظر رحمك الله كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة فلا تعجلن، ولا تدخلن في شيء منه حتى تسأل وتنظر: هل تكلم به أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو أحد من العلماء؟ فإن وجدت فيه أثراً عنهم فتمسك به، ولا تجاوزه لشيء، ولا تختار عليه شيئاً، فتسقط في النار.
واعلم أن الخروج من الطريق على وجهين: أما أحدهما: فرجل قد زل عن الطريق وهو لا يريد إلا الخير، فلا يقتدى بزلته، فإنه هالك.
وآخر عاند الحق وخالف من كان قبله من المتقين، فهو ضال مضل، شيطان مريد في هذه الأمة، حقيق على من يعرفه أن يحذر الناس منه ويبين للناس قصته، لئلا يقع أحد في بدعته، فيهلك.
واعلم رحمك الله أنه لا يتم إسلام عبد، حتى يكون متبعاً مصدقاً مسلماً فمن زعم أنه قد بقي شيء من أمر الإسلام لم يكفوناه أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقد كذبهم، وكفى به فرقة وطعنا عليهم، وهو مبتدع ضال مضل، محدث في الإسلام ما ليس فيه.
واعلم رحمك الله: أنه ليس في السنة قياس، ولا يضرب لها الأمثال، ولا تتبع فيها الأهواء، وإنما هو التصديق بآثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلا كيف، ولا شرح، لا يقال لم؟ وكيف؟