للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلق، ولا تفكروا في الله" (١)، فإن الفكرة في الرب، تقدح الشك في القلب. (٢)

وقال: واعلم رحمك الله أن أهل العلم لم يزالوا يردون قول الجهمية، حتى كان في خلافة بني فلان تكلم الرويبضة في أمر العامة، وطعنوا على آثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخذوا بالقياس والرأي، وكفروا من خالفهم، فدخل في قولهم الجاهل والمغفل، والذي لا علم له، حتى كفروا من حيث لا يعلمون، فهلكت الأمة من وجوه، وكفرت من وجوه، وتزندقت من وجوه، وضلت من وجوه، وتفرقت وابتدعت من وجوه، إلا من ثبت على قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمره وأمر أصحابه، ولم يخطئ أحداً منهم، ولم يجاوز أمرهم، ووسعه ما وسعهم، ولم يرغب عن طريقتهم ومذهبهم، وعلم أنهم كانوا على الإسلام الصحيح والإيمان الصحيح، فقلدهم دينه واستراح، وعلم أن الدين إنما هو بالتقليد، والتقليد لأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -.

واعلم أن من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، فهو مبتدع، ومن سكت فلم يقل مخلوق ولا غير مخلوق، فهو جهمي، هكذا قال أحمد بن حنبل.

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فإياكم ومحدثات الأمور، فإنها ضلالة، وعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، وعضوا عليها بالنواجذ" (٣).

واعلم أنه إنما جاء هلاك الجهمية: أنهم فكروا في الرب عز وجل


(١) انظر تخريجه في مواقف مقاتل بن سليمان سنة (١٥٠هـ).
(٢) شرح السنة (ص.٨١ - ٨٤).
(٣) أخرجه: أحمد (٤/ ١٢٦) وأبو داود (٥/ ١٣/٤٦٠٧) والترمذي (٥/ ٤٣/٢٦٧٦) وقال: "حسن صحيح". وابن ماجه (١/ ١٦/٤٣) والحاكم (١/ ٩٥ - ٩٦) وقال: "صحيح ليس له علة" ووافقه الذهبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>