للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنزل عليهم وحيه، وأمرهم بالبلاغ لخلقه، فبلغوا رسالات ربهم، ونصحوا قومهم، فمن جرى في مقدور الله عز وجل أن يؤمن آمن، ومن جرى في مقدوره أن يكفر كفر؛ قال الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢)} (١) أحب من أراد من عباده، فشرح صدره للإيمان والإسلام، ومقت آخرين، فختم على قلوبهم، وعلى سمعهم وعلى أبصارهم فلن يهتدوا إذاً أبداً، يضل من يشاء ويهدي من يشاء: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (٢٣)} (٢)

الخلق كلهم له، يفعل في خلقه ما يريد، غير ظالم لهم، جل ذكره أن ينسب ربنا إلى الظلم من يأخذ ما ليس له بملك، وأما ربنا تعالى فله ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما، وما تحت الثرى، وله الدنيا والآخرة، جل ذكره، وتقدست أسماؤه، أحب الطاعة من عباده وأمر بها، فجرت ممن أطاعه بتوفيقه لهم، ونهى عن المعاصي، وأراد كونها من غير محبة منه لها، ولا للأمر بها، تعالى عز وجل عن أن يأمر بالفحشاء، أو يحبها وجل ربنا وعز من أن يجري في ملكه ما لم يرد أن يجري، أو شيء لم يحط به علمه قبل كونه، قد علم ما الخلق عاملون قبل أن يخلقهم، وبعد أن يخلقهم، قبل أن يعملوا قضاءً وقدراً، قد جرى القلم بأمره تعالى في اللوح المحفوظ بما يكون، من بر أو فجور، يثني على من عمل بطاعته من عبيده، ويضيف العمل إلى العباد، ويعدهم عليه الجزاء العظيم،


(١) التغابن الآية (٢).
(٢) الأنبياء الآية (٢٣) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>