للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فينادون: لا حكم إلا لله، ويضعون سيوفهم فيمن يلحقون من الناس، فلا يزالون يقتلون حتى يقتلوا، وكان الواحد منهم إذا خرج للتحكيم لا يرجع أو يقتل، فكان الناس منهم على وجل وفتنة، ولم يبق منهم اليوم أحد على وجه الأرض بحمد الله. فمتى تعرضت هذه الفرقة من الشراة يقال لهم: أخبرونا عن قولكم: "لا حكم إلا لله" ماذا تريدون؟ فإنهم يقولون: لا تحكيم في دين الله لأحد من الناس إلا لله، وهم لا يحكمون بينهم حكماً، فلما حكم أبو موسى الأشعري بين علي ومعاوية رضي الله عنهم، وخلع علياً رضي الله عنه، قال هؤلاء: علي كفر بجعل الحكم إلى أبي موسى الأشعري ولا حكم إلا لله.

والشراة كلهم يكفرون أصحاب المعاصي ومن خالفهم في مذهبهم مع اختلاف أقاويلهم ومذاهبهم.

يقال لهم: من أين قلتم: لا حكم إلا لله؟ وقد حكم الله الناس في كتابه في غير موضع. قال عز وجل في جزاء الصيد: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} (١) وقال تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا} (٢). وقال: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} (٣) يعني الزوج والزوجة.


(١) المائدة الآية (٩٥).
(٢) النساء الآية (١٢٨).
(٣) النساء الآية (٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>