آراءهم وأهواءهم على الظن، وهم أكثر الناس اختلافاً، وأشدهم تنافياً وتبايناً، لا يتفق اثنان من رؤسائهم على قول، ولا يجتمع رجلان من أئمتهم على مذهب.
فأبو الهذيل يخالف النظام، وحسين النجار يخالفهما، وهشام الفوطي يخالفهم، وثمامة بن أشرس يخالف الكل، وهاشم الأوقص وصالح قبة يخالفانهم، وكل واحد منهم قد انتحل لنفسه ديناً ينصره ورباً يعبده وله على ذلك أصحاب يتبعونه، وكل واحد منهم يكفر من خالفه ويلعن من لا يتبعه، وهم في اختلافهم وتباينهم كاختلاف اليهود والنصارى، كما قال الله تعالى:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ}(١).
فاختلافهم كاختلاف اليهود والنصارى، لأن اختلافهم في التوحيد، وفي صفات الله، وفي الكيفية، وفي قدرة الله، وفي عظمته، وفي نعيم الجنة، وفي عذاب النار، وفي البرزخ، وفي اللوح المحفوظ، وفي الرق المنشور، وفي علم الله، وفي القرآن، وفي غير ذلك من الأمور التي لا يعلمها نبي مرسل، إلا بوحي من الله، وليس يعدم من رد العلم في هذه الأشياء إلى رأيه وهواه وقياسه ونظره واختياره؛ من الاختلاف العظيم والتباين الشديد.
وأما الرافضة فأشد الناس اختلافاً وتبايناً وتطاعناً فكل واحد منهم يختار مذهبا لنفسه يلعن من خالفه عليه ويكفر من لم يتبعه، وكلهم يقول: إنه لا صلاة ولا صيام ولا جهاد ولا جمعة ولا عيدين ولا نكاح ولا طلاق