ولا بيع ولا شراء؛ إلا بإمام، وإنه من لا إمام له فلا دين له، ومن لم يعرف إمامه فلا دين له، ثم يختلفون في الأئمة، فالإمامية لها إمام تسوده وتلعن من قال: إن الإمام غيره وتكفره، وكذلك الزيدية لها إمام غير إمام الإمامية. وكذلك الإسماعيلة، وكذلك الكيسانية، والبترية، وكل طائفة تنتحل مذهباً وإماماً وتلعن من خالفها عليه وتكفره. ولولا ما نؤثره من صيانة العلم الذي أعلى الله أمره، وشرف قدره، ونزهه أن يخلط به نجاسات أهل الزيغ، وقبيح أقوالهم ومذاهبهم التي تقشعر الجلود من ذكرها، وتجزع النفوس من استماعها، وينزه العقلاء ألفاظهم وأسماعهم عن لفظها؛ لذكرت من ذلك ما فيه عبرة للمعتبرين، ولكنه قد روي عن طلحة بن مصرف رحمه الله، قال: لولا أني على طهارة لأخبرتكم بما تقوله الروافض.
وقال ابن المبارك رحمه الله: إنا لنستطيع أن نحكي كلام اليهود والنصارى، ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية. ولولا أنك قلت إن أهل الزيغ يطعنون على أئمتنا وعلمائنا باختلافهم، فأحببت أن أعلمك أن الذي أنكروه هم ابتدعوه، وأن الذي عابوه هم استحسنوه، ولولا اختلافهم في أصولهم وعقودهم وإيمانهم ودياناتهم؛ لما دنسنا ألفاظنا بذكر حالهم.
فأما الاختلاف فهو ينقسم على وجهين: أحدهما اختلاف، الإقرار به إيمان ورحمة وصواب، وهو الاختلاف المحمود الذي نطق به الكتاب ومضت به السنة، ورضيت به الأمة، وذلك في الفروع والأحكام التي أصولها ترجع إلى الإجماع والائتلاف. واختلاف هو كفر وفرقة وسخطة وعذاب يؤول بأهله إلى الشتات، والتضاغن والتباين والعداوة، واستحلال الدم والمال، وهو