للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلاف أهل الزيغ في الأصول والاعتقاد والديانة. فأما اختلاف أهل الزيغ، فقد بينت لك كيف هو، وفيما اختلفوا فيه. وأما اختلاف أهل الشريعة الذي يؤول بأهله إلى الإجماع والألفة، والتواصل والتراحم؛ فإن أهل الإثبات من أهل السنة يجمعون على الإقرار بالتوحيد وبالرسالة؛ بأن الإيمان قول وعمل ونية وبأن القرآن كلام الله غير مخلوق، ومجمعون على أن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لا يكون، وعلى أن الله خالق الخير والشر ومقدرهما، وعلى أن الله يرى في القيامة، وعلى أن الجنة والنار مخلوقتان باقيتان ببقاء الله، وأن الله على عرشه، بائن من خلقه، وعلمه محيط بالأشياء، وأن الله قديم لا بداية له ولا نهاية ولا غاية، بصفاته التامة، لم يزل عالماً ناطقاً سميعاً بصيراً، حياً حليماً، قد علم ما يكون قبل أن يكون، وأنه قدر المقادير قبل خلق الأشياء.

ومجمعون على إمامة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي عليهم السلام، وعلى تقديم الشيخين، وعلى أن العشرة في الجنة جزماً وحتماً لا شك فيه، ومجمعون على الترحم على جميع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والاستغفار لهم ولأزواجه وأولاده وأهل بيته، والكف عن ذكرهم إلا بخير، والإمساك وترك النظر فيما شجر بينهم، فهذا وأشباهه مما يطول شرحه لم يزل الناس مذ بعث الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - إلى وقتنا هذا مجمعين عليه في شرق الأرض وغربها، وبرها وبحرها وسهلها وجبلها، يرويه العلماء رواة الآثار وأصحاب الأخبار، ويعرفه الأدباء والعقلاء، ويجمع على الإقرار به الرجال والنسوان، والشيب والشبان، والأحداث والصبيان، في الحاضرة والبادية، والعرب والعجم، لا يخالف ذلك ولا ينكره ولا يشذ عن الإجماع مع الناس فيه إلا رجل خبيث زائغ، مبتدع

<<  <  ج: ص:  >  >>