للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويأخذ بالمندوحة الواسعة، ويلزم الحجة الواضحة، والجادة السابلة، والطريق الآنسة، فمن خالف ذلك وتجاوزه إلى الغمط بما أمر به والمخالفة إلى ما ينهى عنه، يقع والله في بحور المنازعة وأمواج المجادلة، ويفتح على نفسه أبواب الكفر بربه والمخالفة لأمره والتعدي لحدوده، والعجب لمن خلق من نطفة من ماء مهين فإذا هو خصيم مبين، كيف لا يفكر في عجزه عن معرفة خلقه، أما يعلمون أن الله عز وجل قد

أخذ عليكم ميثاق الكتاب أن لا تقولوا على الله إلا الحق، فسبحان الله أنى تؤفكون. حدثني ابن الصواف، قال: سمعت أبي يقول: سمعت بعض العلماء يقول: لو كلف الله هؤلاء ما كلفوه أنفسهم من البحث والتنقير لكان من أعظم ما افترضه عليهم. قال ابن بطة: فالزموا رحمكم الله الطريق الأقصد، والسبيل الأرشد، والمنهاج الأعظم من معالم دينكم وشرائع توحيدكم التي اجتمع عليها المختلفون، واعتدل عليها المعترفون: {وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣)} (١). وترك الدخول في الضيق الذي لم نخلق له. اهـ. (٢)

- وقال: الله الله إخواني يا أهل القرآن، ويا حملة الحديث، لا تنظروا فيما لا سبيل لعقولكم إليه، ولا تسألوا عما لم يتقدمكم السلف الصالح من علمائكم إليه، ولا تكلفوا أنفسكم ما لا قوة بأبدانكم الضعيفة، ولا تنقروا ولا تبحثوا عن مصون الغيب ومكنون العلوم، فإن الله جعل للعقول غاية


(١) الأنعام الآية (١٥٣).
(٢) الإبانة (١/ ٢/٤٢٠ - ٤٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>