للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنتهي إليها، ونهاية تقصر عندها، فما نطق به الكتاب وجاء به الأثر فقولوه، وما أشكل عليكم فكِلوه إلى عالمه، ولا تحيطوا الأمور بحيط العشوا حنادس الظلماء بلا دليل هاد، ولا ناقد بصير، أتراكم أرجح أحلاماً وأوفر عقولاً من الملائكة المقربين، حين قالوا: {لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢)} (١).اهـ (٢)

- وقال: قد أعلمتك يا أخي -عصمني الله وإياك من الفتن ووقانا وإياك جميع المحن- أن الذي أورد القلوب حمامها، وأورثها الشك بعد اتقائها، هو البحث والتنقير وكثرة السؤال عما لا تؤمن فتنته وقد كفي العقلاء مؤنته، وأن الذي أمرضها بعد صحتها، وسلبها أثواب عافيتها، إنما هو من صحبة من تغر ألفته، وتورد النار في القيامة صحبته. أما البحث والسؤال فقد شرحت لك ما إن أصغيت إليه -مع توفيق الله- عصمك، ولك فيه مقنع وكفاية، وأما الصحبة فسأتلو عليك من نبأ حالها ما إن تمسكت به نفعك، وإن أردت الله الكريم به وفقك، قال الله عز وجل فيما أوصى به نبيه - صلى الله عليه وسلم - وحذره منه: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٦٨)} (٣) ثم أذكره ما حذره


(١) البقرة الآية (٣٢).
(٢) الإبانة (١/ ٢/٤٢٣ - ٤٢٤).
(٣) الأنعام الآية (٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>