صلاحه بفسادك، فإنه لا ينصح الناس من غش نفسه، ومن لا خير فيه لنفسه لا خير فيه لغيره، فمن أراد الله وفقه وسدده ومن اتقى الله أعانه ونصره. (١)
وقال ابن بطة -عقب أثر الأوزاعي لما سأله محمد بن النضر قال: أآمر بالمعروف؟ قال (الأوزاعي): من يقبل منك؟ -: صدق الأوزاعي رحمه الله، فهكذا قال علي بن أبي طالب عليه السلام:"لا إمرة لمن لا يطاع". فإذا كان السائل لك هذه أوصافه وجوابك له على النحو الذي قد شرحته فشأنك به، ولا تأل فيه جهداً فهذه سبيل العلماء الماضين الذين جعلهم الله أعلاماً في هذا الدين فهذا أحد الثلاثة. ورجل آخر يحضر في مجلس أنت فيه حاضر تأمن فيه على نفسك ويكثر ناصروك ومعينوك، فيتكلم بكلام فيه فتنة وبلية على قلوب مستمعيه ليوقع الشك في القلوب لأنه هو ممن في قلبه زيغ يتبع المتشابه ابتغاء الفتنة والبدعة، وقد حضر معك من إخوانك وأهل مذهبك من يسمع كلامه إلا أنه لا حجة عندهم على مقابلته، ولا علم لهم بقبيح ما يأتي به، فإن سكت عنه لم تأمن فتنته بأن يفسد بها قلوب المستمعين، وإدخال الشك على المستبصرين، فهذا أيضاً مما ترد عليه بدعته وخبيث مقالته، وتنشر ما علمك الله من العلم والحكمة، ولا يكن قصدك في الكلام خصومته ولا مناظرته، وليكن قصدك بكلامك خلاص إخوانك من شبكته، فإن خبثاء الملاحدة إنما يبسطون شباك الشياطين ليصيدوا بها المؤمنين، فليكن إقبالك بكلامك ونشر علمك وحكمتك وبشر وجهك وفصيح منطقك على إخوانك، ومن قد حضر معك لا عليه، حتى تقطع أولئك عنه وتحول بينهم