وبين استماع كلامه، بل إن قدرت أن تقطع عليه كلامه بنوع من العلم تحول به وجوه الناس عنه فافعل.
حدثني أبو صالح قال حدثنا محمد بن داود أبو جعفر البصروي قال حدثنا مثنى بن جامع، قال: سمعت بشر بن الحارث، سئل عن الرجل يكون مع هؤلاء أهل الأهواء في موضع جنازة أو مقبرة فيتكلمون ويعرضون فترى لنا أن نجيبهم، فقال: إن كان معك من لا يعلم فردوا عليه لئلا يرى أولئك أن القول كما يقولون وإن كنتم أنتم وهم فلا تكلموهم ولا تجيبوهم.
فهذان رجلان قد عرفتك حالهما ولخصت لك وجه الكلام لهما. وثالث مشؤوم قد زاغ قلبه وزلت عن سبيل الرشاد قدمه، فعشيت بصيرته واستحكمت للبدعة نصرته، يجهده أن يشكك في اليقين ويفسد عليك صحيح الدين، فجميع الذي رويناه وكلما حكيناه في هذا الباب لأجله وبسببه، فإنك لن تأتي في باب حصر منه ووجيع مكيدته أبلغ من الإمساك عن جوابه، والإعراض عن خطأ به لأن غرضه من مناظرتك أن يفتنك فتتبعه فيملك وييأس منك، فيشفي غيظه أن يسمعك في دينك ما تكرهه، فأخسئه بالإمساك عنه، وأذلله بالقطيعة له، أليس قد أخبرتك بقول الحسن رحمه الله حين قال له القائل: يا أبا سعيد: تعال حتى أخاصمك في الدين، فقال له الحسن: أما أنا فقد أبصرت ديني فإن كنت قد أضللت دينك فالتمسه. وأخبرتك بقول مالك حين جاءه بعض أهل الأهواء فقال له: أما أنا فعلى بينة من ربي وأما أنت فشاك فاذهب إلى شاك مثلك فخاصمه. فهل يأتي في جواب المخالف من جميع الحجج حجة هي أسخن لعينه ولا أغيظ لقلبه من