مثل هذه الحجة؟ والجواب: أما سمعت قول مصعب بن سعد: لا تجالس مفتونا فإنه لن يخطئك إحدى اثنتين: إما أن يفتنك فتتبعه، وإما أن يؤذيك قبل أن تفارقه. وأيوب السختياني حين قال له الرجل: أكلمك بكلمة، فولى عنه وأشار بإصبعه: ولا نصف كلمة. وعبد الرزاق حين قال لابن أبي يحيى: القلب ضعيف وليس الدين لمن غلب.
حدثنا أبو طلحة أحمد بن محمد الفزاري، قال: حدثنا عبد الله بن خبيق، قال: حدثنا عبد الله بن داود، قال: قال الأعمش: السكوت جواب. حدثنا ابن دريد، قال: حدثنا الرياشي قال: حدثنا الأصمعي قال: سمعت شبيب بن شيبة يقول: من صبر على كلمة حسمها ومن أجاب عنها استدرها، فإن كنت ممن يريد الاستقامة ويؤثر طريق السلامة فهذه طريق العلماء وسبيل العقلاء، ولك فيما انتهى إليك من علمهم وفعلهم كفاية وهداية، وإن كنت ممن قد زاغ قلبه وزلت قدمه فأنت متحيز إلى فئة الضلالة وحزب الشيطان، قد أنست بما استوحش منه العقلاء ورغبت فيما زهد فيه العلماء، قد جعلت لقوم بطانتك وخزانتك، قد استبشرت جوارحك بلقائهم وأنس قلبك بحديثهم، فقد جعلت ذريعتك إلى مجالستهم وطريقك إلى محادثتهم، أنك تريد بذلك مناظرتهم وإقامة الحجة عليهم ورد بالهم إليهم، فإن تك بهرجتك خفيت على أهل الغفلة من الآدمين فلن يخفى ذلك على من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. (١)
- وقال ابن بطة: فإن قال قائل فهذا النهي والتحذير عن الجدل في