للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجل من أهل العلم يلزمك النصيحة للمسلمين بقول الحق، فإن كان عندك بذلته وأحببت قبوله، وإن كان عند غيرك قبلته، ومن دَلَّك عليه شكرت له، فإذا كان هذا أصلك وهذه دعواك فأين تذهب عما أنت له طالب وعلى جمعه حريص، ولكنك والله يا أخي تأبى الحق وتنكره إذا سبقك مناظرك إليه وتحتال لإفساد صوابه وتصويب خطئك وتغتاله وتلقي عليه التغاليظ وتظهر التشنيع، ولا سيما إن كان في عينك وعند أهل مجلسك أنه أقل علماً منك فذاك الذي تجحد صوابه وتكذب حقه، ولعل الأنفة تحملك إذا هو احتج عليك بشيء خالف قولك فقال لك: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قلت لم يقله رسول الله فجحدت الحق الذي تعلمه ورددت السنة، فإن كان مما لا يمكنك إنكاره أدخلت على قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علة تغير بها معناه وصرفت الحديث إلى غير وجهه، فإرادتك أن يخطأ صاحبك خطأ منك واغتنامك بصوابه غش فيك وسوء نية في المسلمين.

فاعلم يا أخي أن من كره الصواب من غيره ونصر الخطأ من نفسه لم يؤمن عليه أن يسلبه الله ما علمه وينسيه ما ذكره، بل يخاف عليه أن يسلبه الله إيمانه، لأن الحق من رسول الله إليك افترض عليك طاعته فمن سمع الحق فأنكره بعد علمه له فهو من المتكبرين على الله، ومن نصر الخطأ فهو من حزب الشيطان، فإن قلت أنت الصواب وأنكره خصمك ورده عليك كان ذلك أعظم لأنفتك وأشد لغيظك وحنقك وتشنيعك وإذاعتك وكل ذلك مخالف للعلم ولا موافق للحق. بلغني عن الحسن بن عبد العزيز الجروي المصري أنه قال: سمعت الشافعي يقول: ما ناظرت أحداً قط فأحببت أن يخطأ وما في ظني علم إلا وددت أنه عند كل

<<  <  ج: ص:  >  >>