أحد ولا ينسب إلي. وبلغني عن حرملة بن يحيى، قال: سمعت الشافعي يقول: وددت أن كل علم أعلمه يعلمه الناس أؤجر عليه ولا يحمدونني.
وحدثني أبو صالح محمد بن أحمد، قال: حدثنا أبو الأحوص، قال: سمعت حسينا الزعفراني يقول: سمعت الشافعي يحلف وهو يقول: ما ناظرت أحداً قط إلا على النصيحة وما ناظرت أحداً ما فأحببت أن يخطئ، أفهكذا أنت يا أخي بالله عليك؟ إن ادعيت ذلك فقد زعمت أنك خير من الأخيار، وبدل من الأبدال والذي يظهر من أهل وقتنا أنهم يناظرون مغالبة لا مناظرة ومكايدة لا مناصحة، ولربما ظهر من أفعالهم ما قد كثر وانتشر في كثير من البلدان، فمما يظهر من قبيح أفعالهم وما يبلغ بهم حب الغلبة ونصرة الخطأ أن تحمر وجوههم وتدر عروقهم وتنتفخ أوداجهم ويسيل لعابهم، ويزحف بعضهم إلى بعض حتى ربما لعن بعضهم بعضاً، وربما بزق بعضهم على بعض، وربما مد أحدهم يده إلى لحية صاحبه، ولقد شهدت حلقة بعض المتصدرين في جامع المنصور فتناظر أهل مجلسه بحضرته فأخرجهم غيظ المناظرة وحمية المخالفة إلى أن قذف بعضهم زوجة صاحبه ووالدته، فحسبك بهذه الحال بشاعة وشناعة على سفه الناس وجهالهم، فكيف بمن تسمى بالعلم وترشح للإمامة والفتيا، ولقد رأيت المناظرين في قديم الزمان وحديثه فما رأيت ولا حدثت ولا بلغني أن مختلفين تناظرا في شيء ففلجت حجة أحدهما وظهر صوابه وأخطأ الآخر وظهر خطؤه فرجع المخطئ عن خطأه ولا صبا إلى صواب صاحبه ولا افترقا إلا على الاختلاف والمباينة، وكل واحد منهما متمسك بما كان عليه ولربما علم أنه على الخطأ فاجتهد في نصرته، وهذه