للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن صفات الله مخلوقة أن يقول: إن الله كان ولا قدرة، ولا علم، ولا عزة، ولا كلام، ولا اسم حتى خلق ذلك كله، فكان بعد ما خلقه. فإذا أبطل صفاته فقد أبطله، وإذا أبطله في حال من الأحوال فقد أبطله في الأحوال كلها، حتى يقول: إن الله عز وجل لم يزل ولا يزال بصفاته كلها إلهاً واحداً قديماً قبل كل شيء، ويبقى بصفاته كلها بعد فناء كل شيء.

ويقال للجهمي فيما احتج به من قوله: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (١) أن قوله: {كُلِّ شَيْءٍ} يجمع كل شيء، لأن الكل يجمع كل شيء، أليس قد قال الله عز وجل: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} (٢) فهل يهلك ما كان من صفات الله. هل يهلك علم الله فيبقى بلا علم. هل تهلك عزته؟ تعالى ربنا عن ذلك، أليس هذه من الأشياء التي لا تهلك وقد قال الله عز وجل: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤)} (٣) فقد قال: {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} فهل فتح عليهم أبواب التوبة، وأبواب الرحمة، وأبواب الطاعة، وأبواب العافية، وأبواب السعادة، وأبواب النجاة مما نزل بهم؟ وهذه كلها مما أغلق أبوابها عنهم، وهي شيء، وقد قال:


(١) الرعد الآية (١٦).
(٢) القصص الآية (٨٨).
(٣) الأنعام الآية (٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>