للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكنه من الذين قال الله عز وجل: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} (١) فالجهمي الضال وكل مبتدع غال أعمى أصم قد حرمت عليه البصيرة فهو لا يسمع إلا ما يهوى، ولا يبصر إلا ما اشتهى، ألم يسمع قول الله عز وجل: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (٢) فأخبر أن القول قبل الشيء لأن إرادته الشيء يكون قبل أن يكون الشيء فأخبر أن إرادة الشيء يكون قبل قوله. وقوله قبل الشيء إذا أراد شيئاً كان بقوله، وقال: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا} (٣) فالشيء ليس هو أمره، ولكن الشيء كان بأمره سبحانه: {إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٣٥)} (٤) وقال تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} (٥) فأخبرنا أنه شيء وهو تبارك اسمه وتعالى جده أكبر الأشياء، ولا يدخل في الأشياء المخلوقة. فإذا وضح للعقلاء كفر الجهمي وإلحاده، ادعى أمراً ليفتن به عباد الله الضعفاء من خلقه، فقال: أخبرونا عن القرآن، هل هو الله أو غير الله؟ فإن زعمتم أنه الله، فأنتم تعبدون القرآن، وإن زعمتم


(١) النمل الآية (١٤).
(٢) النحل الآية (٤٠).
(٣) يس الآية (٨٢).
(٤) مريم الآية (٣٥).
(٥) الأنعام الآية (١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>