للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه غير الله، فما كان غير الله فهو مخلوق. فيظن الجهمي الخبيث أن قد فلجت حجته وعلت بدعته، فإن لم يجبه العالم، ظن أنه قد نال بعض فتنته.

فالجواب للجهمي في ذلك أن يقال له: القرآن ليس هو الله، لأن القرآن كلام الله، وبذلك سماه الله، قال: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} (١)، وبحسب العاقل العالم من العلم أن يسمي الأشياء بأسمائها التي سماها الله بها، فمن سمى القرآن بالاسم الذي سماه الله به، كان من المهتدين، ومن لم يرض بالله ولا بما سماه به، كان من الضالين وعلى الله من الكاذبين.

قال الله عز وجل: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} (٢) فهذا من الغلو ومن مسائل الزنادقة، لأن القرآن كلام الله، فمن قال إن القرآن هو الله، فقد جعل الله كلاما وأبطل من تكلم به. ولا يقال إن القرآن غير الله، كما لا يقال إن علم الله غير الله، ولا قدرة الله غير الله، ولا صفات الله غير الله، ولا عزة الله غير الله، ولا سلطان الله غير الله، ولا وجود الله غير الله. ولكن يقال: كلام الله، وعزة الله، وصفات الله، وأسماء الله، وبحسب من زعم أنه من المسلمين ولله من المطيعين، وبكتاب الله من المصدقين، ولأمر الله من المتبعين أن يسمي القرآن بما سماه الله به، فيقول: القرآن كلام الله كما قال تعالى: {يريدون أَنْ


(١) التوبة الآية (٦).
(٢) النساء الآية (١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>