يقولوا: يا عزة الله عافينا، ويا عزة الله أغنينا، ولا يقال: عزة الله غير الله، ولكن يقال: عزة الله صفة الله، لم يزل ولا يزال الله بصفاته واحداً. وكذلك علم الله، وحكمة الله، وقدرة الله وجميع صفات الله تعالى، وكذلك كلام الله عز وجل. فتفهموا حكم الله، فإن الله لم يزل بصفاته العليا وأسمائه الحسنى عزيزاً، قديراً، عليماً، حكيماً، ملكاً، متكلماً، قوياً، جباراً، لم يخلق علمه ولا عزه، ولا جبروته، ولا ملكه، ولا قوته، ولا قدرته، وإنما هذه صفات المخلوقين. والجهمي الخبيث ينفي الصفات عن الله، ويزعم أنه يريد بذلك أن ينفي عن الله التشبيه بخلقه، والجهمي الذي يشبه الله بخلقه لأنه يزعم أن الله عز وجل كان ولا علم، وكان ولا قدرة، وكان ولا عزة، وكان ولا سلطان، وكان ولا اسم حتى خلق لنفسه اسماً، وهذه كلها صفات المخلوقين، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً، لأن المخلوقين من بني آدم، كان ولا علم، خلقه الله جاهلاً ثم علمه. قال الله عز وجل:{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا}(١) وكان ولا كلام حتى يطلق الله لسانه، وكان ولا قدرة ولا عزة ولا سلطان حتى يقويه الله ويعزه ويسلطه، وهذه كلها صفات المخلوقين. وكل من حدثت صفاته، فمحدث ذاته، ومن حدث ذاته وصفته، فإلى فناء حياته، وتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
ثم إن الجهمي إذا بطلت حجته فيما ادعاه، ادعى أمراً آخر فقال: أنا أجد في الكتاب آية تدل على أن القرآن مخلوق، فقيل له: أية آية هي؟ قال: قول الله