للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عز وجل: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} (١)، أفلا ترون أن كل محدث مخلوق؟ فوهم على الضعفاء والأحداث وأهل الغباوة وموه عليهم، فيقال له: إن الذي لم يزل به عالماً لا يكون محدثاً، فعلمه أزلي كما أنه هو أزلي، وفعله مضمر في علمه، وإنما يكون محدثاً ما لم يكن به عالماً حتى علمه، فيقول: إن الله عز وجل لم يزل عالماً بجميع ما في القرآن قبل أن ينزل القرآن، وقبل أن يأتي به جبريل وينزل به على محمد - صلى الله عليه وسلم -. وقد قال: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (٢) قبل أن يخلق آدم. وقال: {إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٣٤)} (٣) يقول: كان إبليس في علم الله كافراً قبل أن يخلقه، ثم أوحى بما قد علمه من جميع الأشياء. وقد أخبرنا عز وجل عن القرآن، فقال: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} (٤) فنفى عنه أن يكون غير الوحي، وإنما معنى قوله: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذكرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} (٥) أراد: محدثاً علمه، وخبره، وزجره، وموعظته عند محمد - صلى الله عليه وسلم -، وإنما أراد: أن علمك يا محمد ومعرفتك محدث بما أوحي إليك من القرآن، وإنما أراد: أن نزول القرآن عليك يحدث لك ولمن سمعه علم وذكر لم تكونوا تعلمونه. ألم تسمع


(١) الأنبياء الآية (٢).
(٢) البقرة الآية (٣٠).
(٣) البقرة الآية (٣٤).
(٤) النجم الآية (٤).
(٥) الأنبياء الآية (٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>