للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله عن الخلق خلقاً؟ فيقول: نعم. ويقول: إن الخبر عين المخبر، فيقال له: فالخبر مخلوق؟ فيقول: نعم، ويقول: الخبر غير الله، فيقال له: أليس قد تفرد الله بعلم الغيب دون خلقه؟ فيقول: نعم، فيقال له: فالخبر الذي زعمت أنه مخلوق وأنه غير الله، من قال له: أخبر الخلق أن الله خلق السماوات، أليس الله قال له ذلك؟ فإن قال: نعم، فقد أقر أن الله أخبر خلقاً دون خلق، فما يمنعك أن نكون نحن ذلك الخلق الذين أخبرهم أنه هو خلق الخلق؟ وإن قال: إن الله لم يخبر ذلك الخلق ولم يأمره أن يعلم الخلق بذلك، قيل له: فقد أقررت أنه ليس أحد يعلم الغيب إلا الله، وزعمت أن هذا الخبر هو غير الله، فمن أين علم هذا الخبر وهو مخلوق أن الله خلق السماوات والأرض؟ وكيف جاز أن يقول على الله ما لم يعلم ولم يأمره به؟ فعند ذلك يوضح كفر الجهمي وكذبه على الله وقبيح ضلاله، ثم إن الجهمية كذبت الآثار وجحدت الأخبار، وطعنت على الرواة، واتهموا أهل العدالة والأمانة، وانتصحوا أهواءهم وآراءهم، واتخذوا أهواءهم آلهة معبودة وأرباباً مطاعة. فإذا وجدوا حديثاً قد وهم المحدث في روايته وكان في ألفاظ متنه بعض التلبيس والتوهم، انتحلوه ديناً، وجعلوه أصلاً، ووثقوا روايته وإن لم يعرفوه، وصححوه وإن كانوا لا يثبتونه.

فمن ذلك أنهم احتجوا بحديث رواه محمد بن عبيد عن الأعمش عن جامع بن شداد عن صفوان بن محرز عن عمران بن الحصين، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كان الله قبل أن يخلق الذكر، ثم خلق الذكر، فكتب فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>