للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله خلقاً ولم تسمه قولاً، خلافاً على الله وعلى ملائكته وعلى أنبيائه وعلى أوليائه. ثم إن الجهمية لجأت إلى المغالطة في أحاديث تأولوها موهوا بها على من لا يعرف الحديث، مثل الحديث الذي روي: «يجيء القرآن يوم القيامة في صورة الرجل الشاحب فيقول له القرآن: أنا الذي أظمأت نهارك وأسهرت ليلك فيأتي الله فيقول: أي رب تلاني ووعاني وعمل بي» (١).

والحديث الآخر: «تجيء البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان» (٢) فأخطأ في تأويله وإنما عنى في هذه الأحاديث في قوله: يجيء القرآن وتجيء البقرة وتجيء الصلاة ويجيء الصيام ويجيء ثواب ذلك كله، وكل هذا مبين في الكتاب والسنة. قال الله عز وجل: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)} (٣) فظاهر اللفظ من هذا أنه يرى الخير والشر، ليس يرى الخير والشر، وإنما يرى ثوابهما والجزاء عليهما من الثواب والعقاب. كما قال عز وجل: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} (٤) وليس يعني أنها تلك الأعمال التي عملتها بهيئتها وكما عملتها من الشر، وإنما تجد الجزاء على ذلك من الثواب والعقاب. كما قال تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ


(١) تقدم تخريجه من حديث بريدة. انظر مواقف إسحاق بن راهويه سنة (٢٣٧هـ).
(٢) أحمد (٥/ ٢٤٩) ومسلم (١/ ٥٥٣/٨٠٤) من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه.
(٣) الزلزلة الآيتان (٧و٨).
(٤) آل عمران الآية (٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>