للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُوءًا يُجْزَ بِهِ} (١) فيجوز في الكلام أن يقال: يجيء القرآن، تجيء الصلاة، وتجيء الزكاة، يجيء الصبر، يجيء الشكر، وإنما يجيء ثواب ذلك كله يجزى من عمل السيء بالسوء، ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)} (٢) أفترى يرى السرقة والزنا وشرب الخمر وسائر أعمال المعاصي إنما يرى العقاب والعذاب عليهما، وبيان هذا وأمثاله في القرآن كثير. وأما ما جاءت به السنة فقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ظل المؤمن صدقته» (٣)

فلا شيء أبين من هذا، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كل معروف صدقة» (٤)، فإرشادك الضالة صدقة، وتحيتك لأخيك بالسلام صدقة، وأن تلقى أخاك بوجه منبسط صدقة، وأمرك بالمعروف صدقة، ونهيك عن المنكر صدقة، ومباضعتك لأهلك صدقة، فكيف يكون الإنسان يوم القيامة في ظل مباضعته لأهله؟ إنما عنى


(١) النساء الآية (١٢٣).
(٢) الزلزلة الآية (٨).
(٣) أخرجه: أحمد (٤/ ٢٣٣) عن مرثد بن عبد الله اليزني: حدثني بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن ظل المؤمن يوم القيامة صدقته» وصحح إسناده الشيخ الألباني في المشكاة (١٩٢٥).

وورد بلفظ «كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس» أو قال: «يحكم بين الناس». أخرجه ابن المبارك في الزهد (٦٤٥) ومن طريقه أحمد (٤/ ١٤٧ - ١٤٨) وأبو يعلى (٣/ ٣٠٠ - ٣٠١/ ١٧٦٦) والبيهقي (٤/ ١٧٧) والطبراني (١٧/ ٢٨٠/٧٧١) من طريق حرملة بن عمران أنه سمع يزيد بن أبي حبيب أن أبا الخير حدثه أنه سمع عقبة بن عامر يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره.
وصححه ابن خزيمة (٤/ ٩٤/٢٤٣١) وابن حبان (٨/ ١٠٤/٣٣١٠) والحاكم (١/ ٤١٦) على شرط مسلم ووافقه الذهبي وذكره الهيثمي في المجمع (٣/ ١١٠) وأدخل فيه الرواية الأولى وقال: "رواه كله أحمد وروى أبو يعلى والطبراني في الكبير بعضه ورجال أحمد ثقات".
(٤) أخرجه: أحمد (٥/ ٣٨٣) ومسلم (٢/ ٦٩٧/١٠٠٥) وأبو داود (٥/ ٢٣٥ - ٢٣٦/ ٤٩٤٧) من حديث حذيفة.
وأخرجه أيضاً: أحمد (٣/ ٣٤٤) والبخاري (١٠/ ٥٤٨/٦٠٢١) والترمذي (٤/ ٣٠٦/١٩٧٠) من حديث جابر.

<<  <  ج: ص:  >  >>