للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك كله ثواب صدقته، أليس قد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أحب أن يظله الله تعالى في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، فلينظر معسراً أو ليدع له» (١) فأعلمك أن الظل من ثواب الأعمال. ومما غالط به الجهمي من لا يعلم أن قال: كل شيء دون الله مخلوق، والقرآن من دون الله، فيقال له في جواب كلامه هذا: إنا لسنا نشك أن كل ما دون الله مخلوق، ولكنا لا نقول إن القرآن من دون الله، ولكنا نقول من كلام الله، ومن علم الله، ومن أسماء الله، ومن صفات الله، ألم تسمع إلى قوله: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ} (٢) وقال: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨)} (٣) ولم يقل: من دون رب. وقال: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا} (٤) ولا يكون الأمر إلا من آمر، كما لا يكون القول إلا من قائل، ولا يكون الكلام إلا من المتكلم، ولو كان القرآن من دون الله، لما جاز لأحد أن يقول: قال الله، كيف يقوله وهو من دون الله، بل كيف يكون من دونه وهو قاله؟ ومما غالط به الجهمي من لا يعلم، أن قال: إن الله رب القرآن، وكل مربوب فهو مخلوق.

فاحتج الجهمي بكلمة لم ينزل بها القرآن، ولا جاء بها أثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أحد من الصحابة، ولا من بعدهم من التابعين، ولا من فقهاء المسلمين، فيتخذ ذلك حجة، وإنما هي كلمة خفت على ألسن بعض


(١) أحمد (٣/ ٤٢٧) ومسلم (٤/ ٢٣٠١ - ٢٣٠٢/ ٣٠٠٦) مطولاً. وابن ماجه (٢/ ٨٠٨/٢٤١٩) من حديث أبي اليسر.
(٢) يونس الآية (٣٧).
(٣) يس الآية (٥٨).
(٤) الدخان الآيتان (٤و٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>