للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العوام، وجازت بعض اللغات، فتجافى لهم عنها العلماء، وإنما المعنى في جواز ذلك كما استجازوا أن يقولوا: من رب هذه الدار، وهذا رب هذه الدابة وليس هو خلقها، وكما يقولون: من رب هذا الكلام، ومن رب هذه الرسالة، ومن رب هذا الكتاب، أي: من تكلم بهذا الكلام؟ ومن ألف هذا الكتاب؟ ومن أرسل هذه الرسالة؟ لا أنه خالق الكلام، ولا خالق الكتاب والرسالة. فلذلك، استجاز بعض العوام هذه الكلمة وخفت على ألسنتهم، وإن كان لا أصل لها عمن قوله حجة، وإنما قالوا: يا رب القرآن كقولهم: يا منزل القرآن ويا من تكلم بالقرآن ويا قائل القرآن. فلما كان القرآن من الله منسوباً إليه، جاز أن يقولوا هذه الكلمة. ومما يبين لك كفر الجهمية وكذبها في دعواها أن كل مربوب "مخلوق"، قال الله عز وجل: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} (١) أفترى ظن الجهمي أن أحبارهم ورهبانهم خلقوهم من دون الله؟ وقال يوسف الصديق: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} (٢) يعني: عند سيدك. قال الله عز وجل: {فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ} (٣) ومما غالط به الجهمي من لا علم عنده أن قال: القرآن في اللوح المحفوظ، واللوح محدود، وكل محدود مخلوق على أن الجهمي يجحد اللوح المحفوظ وينكره ويرد كتاب الله ووحيه فيه، ولكنه يقر به في موضع يرجو به


(١) التوبة الآية (٣١).
(٢) يوسف الآية (٤٢).
(٣) يوسف الآية (٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>