للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قامت السماوات والأرض، وخلقت المخلوقات كلها.

واعلم أن الجهمي الخبيث يقول في الظاهر: أنا أقول إن القرآن كلام الله، فإذا نصصته، قال: إنما أعني كلام الله مثل ما أقول بيت الله وأرض الله وعبد الله ومسجد الله، فمثل شيئاً لا يشبه ما مثله به، والتمثيل لا يكون إلا مثلاً بمثل، حذو النعل بالنعل، فإن زاد التمثيل عما مثل به أو نقص بطل، ألا ترى أن البيت بني من الأرض، وفي الأرض، وبناه مخلوق، وهدم مرة بعد أخرى، وهو مما يدخل فيه ويخرج عنه، والمسجد مما يخرب ويبيد ويعفو أثره ويزول اسمه، وكذلك الأرض يمشى عليها وتحفر ويدفن فيها، وكذلك عبد الله نطفة، وجنين، ومولود، ورضيع، وفطيم، وصبي، وناشئ، وشاب، وكهل، وشيخ، وآكل، وشارب، وماشي، ومتكلم، وحي، وميت، فهل في ذلك شيء يشبه القرآن؟ ومما يحتج به على الجهمية أن يقال لهم: ألستم تقولون إن الله خلق القرآن؟ فإذا قالوا: نعم. قيل لهم: فأنتم تقولون: إن كل شيء في القرآن من أسماء الله وصفاته، فهو مخلوق؟ فإنهم يقولون: نعم. فيقال لهم: وتزعمون أن {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} مخلوق، وقوله: {السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} (١) وأن {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد (٤)} (٢)

فيقال له: فما تقول فيمن دعا فقال في دعائه: يا خالق الله الرحمن الرحيم اغفر لنا،


(١) الحشر الآية (٢٣).
(٢) سورة الإخلاص ..

<<  <  ج: ص:  >  >>