للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويلزم الجهمي في قوله: إن الله لم يتكلم ولا يتكلم أن يكون قد شبه ربه بالأصنام المتخذة من النحاس والرصاص والحجارة، فتدبروا رحمكم الله نفي الجهمي للكلام عن الله إنما أراد أن يجعل ربه كهذه، فإن الله عز وجل عير قوماً عبدوا من دونه آلهة لا تتكلم، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٩٤)} (١) فزعم الجهمي أن ربه كذا إذا دعي لا يجيب. وقال إبراهيم الخليل عليه السلام حين عير قومه بعبادة ما لا ينطق حين قال: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (٦٣)} (٢) أي: فكيف يكون من لا ينطق إلهاً؟ فلما أسكتهم بذلك وبخهم فقال: {أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (٦٦) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٦٧)} (٣)

فأي خير عند من لا ينطق ولا ينفع ولا يضر، فإنما يدور الجهمي في كلامه واحتجاجه على إبطال صفات الله ليبطل موضع الضر والنفع والمنع والعطاء، ويأبى الله إلا أن يكذبه ويدحض حجته، فتفكروا رحمكم الله فيما اعتقدته الجهمية وقالته وجادلت فيه ودعت الناس إليه، فإن من رزقه الله فهماً وعقلاً ووهب له بصراً نافذاً


(١) الأعراف الآية (١٩٤).
(٢) الأنبياء الآية (٦٣).
(٣) الأنبياء الآيتان (٦٦و٦٧) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>