للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله الذي لا إله إلا هو، فاعبده وأقم الصلاة لذكره. ولو قال الجهمي ذلك أيضاً لتبين كفره، لأن ذلك المخلوق لم يكن ليقول ذلك حتى يؤمر به، فإن قال الجهمي إن ذلك المخلوق قاله من غير أمر يؤمر به، فقد زعم الجهمي أن جميع هذه القصص كذب وافتراء على الله. وإن قال: قد قال ذلك المخلوق بإرادة الله من غير قول، فقد زعم أن ذلك المخلوق يعلم الغيب من دون الله، وأن المخلوق يعلم مراد الله وإن لم يقل هو، وهم يزعمون أن الله لا يعلم ما يكون إلا بعد أن يكون، وأن الخلق يسعون ويتقلبون في أمور مستأنفة لم يشأها الله ولم يعلمها إلا من بعد أن عملوها، ويزعمون هاهنا أن المخلوق يعلم ما يريد الله من غير أن يقوله، والله يقول فيما أخبر عن عيسى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} (١) والجهمي يزعم أن الخلق يعلمون ما في نفس الله من غير أن يقوله، وهو لا يعلم ما في نفوسهم حتى يقولوه أو يعملوه، تعالى الله عما يقوله الجهمي علوّاً كبيراً، فالجهمي يزعم أن المخلوق يعلم الغيب والله لا يعلم، والله عز وجل يقول: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (٢).

ومما يحتج به على الجهمي قول الله عز وجل: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا


(١) المائدة الآية (١١٦).
(٢) النمل الآية (٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>