للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنبياء والصديقين والشهداء والمؤمنين من الأولياء والصالحين والبدلاء، فما فضل هؤلاء على الكافرين ولو كان الأنبياء والرسل مع أهل الكفر في هذه المنزلة، من احتجاب الله دونهم وترك كلامهم والنظر إليهم لما كان ذلك داخلاً في وعيد الكفار والتهديد لهم به، ولا كان ذلك بضائر لهم، إذ هم فيه والرسل والأنبياء سواء. ومما يحتج به على الجهمي أن يقال له: من القائل: {يَا مُوسَى (١١) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} (١) فإن قالوا: خلق الله خلقاً قال ذلك لموسى، قيل لهم: وقبل ذلك موسى واستجاب لمخلوق من دون الله يقول أنا ربك؟ ويقال له: من القائل: {يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩)} (٢)، {يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٣٠)} (٣) ومن القائل: يا موسى {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (١٤)} (٤)؟

فإن قال الجهمي: إن هذا ليس من قول الله عز وجل، فأتني بكفر أبين من هذا أن يكون مخلوق يقول: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (١٤)} فإن زعموا أن موسى أجاب ذلك المخلوق وأطاعه، فقد زعموا أن موسى كان يعبد مخلوقاً من دون الله، ولو كان كما يقول الجهمي فكان ذلك المخلوق خلق عندهم ليفهم موسى أن خالقي هو


(١) طه الآيتان (١١و١٢).
(٢) النمل الآية (٩).
(٣) القصص الآية (٣٠).
(٤) طه الآية (١٤) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>