للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إبراهيم عليه السلام عتب على أبيه فيما احتج به عليه، فقال: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (٤٢)} (١) فيقولون: إن إبراهيم عاتب أباه، ونقم عليه عبادة من لا يسمع ولا يبصر، ثم دعا أباه إلى عبادة من لا يسمع ولا يبصر، سبحان الله ما أبين كفر قائل هذه المقالة عند من عقل؟ وسيأتي تبيان كفرهم وإيضاح الحجة بالحق عليهم من كتاب ربنا وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - في كل شيء قالوه في مواضعه وأبوابه، وبالله التوفيق. فمما يحتج به على الجهمية أن يقال لهم: أرأيتم إذا مات الخلق كلهم فلم يبق أحد غير الله من القائل: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} (٢)؟ وقد مات كل مخلوق، ومات ملك الموت، ثم يرد ربنا تعالى على نفسه فيقول: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (١٦)} (٣)

فإن قالوا: إن هذا القول مخلوق، فقد زعموا أنه يبقى مخلوق مع الله، وإن قالوا: إن الله لا يقول، ولكنه أخبر بما يدل على عظمته، فقد كذبوا كتاب الله وجحدوا به وردوه، أرأيت أن قائلاً قال: إن الله عز وجل لا يقول يوم القيامة: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} أليس يكون كاذباً ولكتاب الله رادّاً، فأي كفر أبين من هذا؟ وما يحتج به على الجهمية أن يقال لهم: أخبرونا كيف حال من لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه؟ فإذا قال: هذه أحوال الكفار، وبذلك وصفهم الله، فيقال لهم: فأنتم تزعمون أن هذه أيضاً أحوال


(١) مريم الآية (٤٢).
(٢) غافر الآية (١٦).
(٣) غافر الآية (١٦) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>