للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحيح، والمذهب المستقيم، الذي من حاد عنه ابتدع وضل، وفيه رد على المبتدعة والرافضة وغيرهم من ضروب المبتدعة النافين لصفات ذاته تعالى من علمه وقدرته، وسائر صفاته، والزاعمين أنه لا علم له، ولا قدرة ولا حياة، والجاعلين كلامه من صفات فعله، وأنه بمثابة سائر الأعراض التي تبيد وتفنى، وأنه من جنس كلام البشر ولغات الأمم، والقائلين بأن الله تعالى كان في أزله بلا اسم ولا صفة، وأن عباده هم الذين خلقوا له الأسماء والصفات، والبغداديون منهم الذين انتهى علمهم في هذا الوقت إلى طريق البلخي: أن الله ليس بسميع بصير على الحقيقة، وأن وصفه نفسه بذلك مجاز واتساع، وعلى معنى العلم له، دون أن يكون سميعا على الحقيقة أو بصيرا، ردا لقوله سبحانه: {إن اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٢٠)}، وقوله تعالى منبها على وجوب ذلك، ومنع نفيه عنه، مخبرا عن إبراهيم عليه السلام (القائل) لأبيه على عبادة الأصنام: {لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (٤٢)} (١) فسوى بين الله وبين الأصنام، فكان لأبي إبراهيم على قوله أن يقول له في جواب هذا: فَإلاَهُكَ لايسمع ولا يبصر ... (٢)

- وقال القاضي رحمه الله: فأما قوله: [إنه تعالى كلم موسى بكلامه الذي هو صفة ذاته]، إلى آخر ما قاله في ذلك، فهو الكلام في أن القرآن غير مخلوق، وهو إجماع كافة أهل السنة وأئمة الملة، قبل الجهمية، ومن نشأ


(١) مريم الآية (٤٢).
(٢) شرح عقيدة الإمام مالك الصغير (ص.٢٩ - ٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>