للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعدهم من أتباعهم المبتدعة. (١)

- وقال في الشفاعة: فمذهب أهل السنة وأئمة الملة، والأخبار متواترة به على المعنى وإن اختلفت ألفاظه ... ثم ذكر بعض الأحاديث وقال: ومن المعتزلة من يتأول أخبار الشفاعة ولا يقدم على ردها وجحدها كما يفعل إخوانه، وقد تأولوها على ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه أراد أن الشفاعة لمن واقع الصغائر وهو مجتنب للكبائر، وهذا لا معنى له، لأن صاحب الصغيرة إذا فعلها مع اجتناب الكبائر لم يستحق العقاب، ومتى عوقب كان عندهم ظلما وجورا، فما معنى الشفاعة في أن لا يعذب من لا يستحق العذاب؟ وهل هذا إلا قول بالشفاعة في أن لا يظلم تعالى ولا يجور. وهذا تكلف يحمل النفس على رد الشرع وجحد السنة.

والتأويل الثاني: أن الشفاعة لمرتكب الكبائر التائب منها، والنادم على فعلها، وهذا تلو الأول في السقوط، لأن التوبة سقطت لاستحقاق العقاب، فأي تأثير للشفاعة؟!

والثالث -وهو أقربها-: إن قالوا: إن الشفاعة للمؤمنين المجانبين للكبائر، وليست شفاعة في إسقاط عقاب مستحق عليهم، لكن في الزيادة لهم في الثواب على قدر ما استحقوه بأعمالهم. وهذا ادعاء لما لم يرد به خبر ولا شرع، ورد لما ورد، لأن الشفاعة التي وردت بها الأخبار، إنما هي في


(١) شرح عقيدة الإمام مالك الصغير (ص.٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>