وقال بعض العلماء: إنما توقف مالك عن القول بنقصان الإيمان خشية أن يتأول عليه موافقة الخوارج الذين يكفرون أهل المعاصي من المؤمنين بالذنوب. وقد قال مالك بنقصان الإيمان مثل قول جماعة أهل السنة، ذكر أحمد بن خالد قال: حدثنا عبيد بن محمد بصنعاء قال: حدثنا مسلمة بن شبيب ومحمد بن يزيد قالا: سمعت عبد الرزاق يقول: سمعت من أدركت من شيوخنا وأصحابنا سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وعبد الله بن عمر، والأوزاعي، ومعمر بن راشد، وابن جريج، وسفيان بن عيينة يقولون: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص. ومن غير رواية عبد الرزاق وهو قول ابن مسعود وحذيفة والنخعي.
وحكى الطبري: أنه قول الحسن البصري، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، وعبد الله بن المبارك.
فإن قيل: قد تقدم من قولكم أن الإيمان في اللغة التصديق، وأنه لا ينقص، فكيف يكون الإيمان قولا وعملا؟
قيل: كذلك نقول: التصديق في نفسه لا ينقص إلا أنه لا يتم بغير عمل، إلا لرجل أسلم ثم مات في حين إسلامه قبل أن يدرك العمل فهذا معذور؛ لأنه لم يتوجه إليه فرض الأمر والنهي ولا لزمه. وأما من لزمه فرض الأمر والنهي فلا يتم تصديقه لقوله إلا بفعله.
قال الطبري: ألا ترى أن من وعد عدة ثم أنجز وعده وحقق بالفعل قوله، أنه يقال: صدق فلان قوله بفعله، فالتصديق يكون بالقلب وباللسان وبالجوارح، والمعنى الذي يستحق به العبد المدح والولاية من المؤمنين هو