للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إتيانه بهذه المعاني الثلاثة، وذلك أنه لا خلاف بين الجميع أنه لو أقر وعمل على غير علم منه ومعرفة بربه أنه لا يستحق اسم مؤمن، ولو عرفه وعمل وجحد بلسانه وكذب ما عرف من توحيد ربه أنه غير مستحق اسم مؤمن، وكذلك لو أقر بالله وبرسله ولم يعمل الفرائض لا يسمى مؤمنا بالإطلاق، وإن كان في كلام العرب قد يجوز أن يسمى بالتصديق مؤمنا فغير مستحق ذلك في حكم الله؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} (١)، فأخبر تعالى أن المؤمن على الحقيقة من كانت هذه صفته، دون من قال ولم يعمل وضيع ما أمر به وفرط. (٢)

- وقال أيضا: تفاضل المؤمنين في أعمالهم لا شك فيه، وأن الذي خرج من النار بما في قلبه من مقدار حبة من خردل من إيمان معلوم أنه كان ممن انتهك المحارم وارتكب الكبائر، ولم تفِ طاعته لله عند الموازنة بمعاصيه.

ومَن أطاع الله وقام بما وجب عليه وبرئ من مظالم العباد: فلا شك أن عمله أفضل من عمل الرجل المنتهك.

وقد مثَّل ذلك عليه السلام بالقمص التي كانت تبلغ الثدي، وبقميص


(١) الأنفال الآيات (٢ - ٤).
(٢) شرح صحيح البخاري لابن بطال (١/ ٥٦ - ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>