للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يطعه، وخاف أن يضل غيره، وليس هذا من الهجرة المكروهة؛ ألا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر الناس أن لا يكلموا كعب بن مالك حين أحدث في تخلفه عن تبوك ما أحدث، حتى تاب الله عليه (١)، وهذا أصل عند العلماء في مجانبة من ابتدع، وهجرته، وقطع الكلام معه. وقد حلف ابن مسعود أن لا يكلم رجلا رآه يضحك في جنازة:

أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى، قال: حدثنا أحمد بن سعيد، قال: حدثنا عبد الملك بن بحر، قال: حدثنا موسى بن هارون، قال: حدثنا العباس بن الوليد، قال: حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي، عن رجل من عبس، أن ابن مسعود رأى رجلا يضحك في جنازة، فقال: تضحك وأنت في جنازة؟ والله لا أكلمك أبدا.

وغير نكير أن يجهل معاوية ما قد علم أبو الدرداء وعبادة؛ فإنهما جليلان من فقهاء الصحابة وكبارهم. (٢)

- وقال رحمه الله عقب إيراده لحديث: «إن الله يرضى لكم ثلاثا، ويسخط لكم ثلاثا، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم، ويسخط لكم: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال» (٣): وفيه الحض على الاعتصام والتمسك بحبل الله في حال اجتماع وائتلاف، وحبل الله في هذا الموضع


(١) أحمد (٣/ ٤٥٦ - ٤٥٩) والبخاري (٨/ ٤٣٦/٤٦٧٧) ومسلم (٤/ ٢١٢٠ - ٢١٢٨/ ٢٧٦٩) وأخرجه أبو داود (٢/ ٦٥٢/٢٢٠٢) والترمذي (٥/ ٢٦٣ - ٢٦٤/ ٣١٠٢) والنسائي (٦/ ٤٦٤ - ٤٦٥/ ٣٤٢٣) مختصرا.
(٢) فتح البر (١/ ١٧٨ - ١٧٩).
(٣) أحمد (٢/ ٣٢٧) ومسلم (٣/ ١٣٤٠/١٧١٥) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>