للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه قولان: أحدهما: كتاب الله، والآخر: الجماعة -ولا جماعة إلا بإمام. وهو -عندي- معنى متداخل متقارب، لأن كتاب الله يأمر بالألفة، وينهى عن الفرقة، قال الله -عزوجل-: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا} (١) الآية. وقال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (٢).اهـ (٣)

- قال أبو عمر: ليس أحد من خلق الله إلا وهو يوخذ من قوله، ويترك، إلا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه لا يترك من قوله، إلا ما تركه هو ونسخه، قولا أو عملا، والحجة فيما قال - صلى الله عليه وسلم -، وليس في قول غيره حجة ... (٤)

- قال أبو عمر: يقال لمن قال بالتقليد: لم قلت به وخالفت السلف في ذلك فإنهم لم يقلدوا؟ فإن قال: قلدت لأن كتاب الله لا علم لي بتأويله، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم أحصها، والذي قلدته قد علم ذلك، فقلدت من هو أعلم مني. قيل له: أما العلماء إذا أجمعوا على شيء من تأويل الكتاب أو حكاية عن سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو اجتمع رأيهم على شيء فهو الحق لا شك فيه، ولكن قد اختلفوا فيما قلدت فيه بعضهم دون بعض، فما حجتك في تقليد بعضهم دون بعض وكلهم عالم؟ ولعل الذي رغبت عن قوله أعلم من الذي ذهبت إلى مذهبه، فإن قال: "قلدته لأني أعلم أنه على صواب". قيل له: علمت ذلك بدليل من كتاب الله أو سنة أو إجماع؟ فإن قال: "نعم" أبطل


(١) آل عمران الآية (١٠٥).
(٢) آل عمران الآية (١٠٣).
(٣) فتح البر (١/ ١٢٠).
(٤) فتح البر (٩/ ٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>