للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفسيق المسلم وتكفيره ببيان لا إشكال فيه.

ومن جهة النظر الصحيح الذي لا مدفع له، أن كل من ثبت له عقد الإسلام في وقت بإجماع من المسلمين، ثم أذنب ذنبا أو تأول تأويلا، فاختلفوا بعد في خروجه من الإسلام، لم يكن لاختلافهم بعد إجماعهم معنى يوجب حجة، ولا يخرج من الإسلام المتفق عليه إلا باتفاق آخر، أو سنة ثابتة لا معارض لها.

وقد اتفق أهل السنة والجماعة -وهم أهل الفقه والأثر- على أن أحدا لا يخرجه ذنبه -وإن عظم- من الإسلام، وخالفهم أهل البدع، فالواجب في النظر أن لا يكفر إلا من اتفق الجميع على تكفيره، أوقام على تكفيره دليل لا مدفع له من كتاب أو سنة. (١)

- قال رحمه الله: وأما قوله: «وأن لا ننازع الأمر أهله» (٢)، فاختلف الناس في ذلك، فقال قائلون: أهله أهل العدل والإحسان والفضل والدين، فهؤلاء لا ينازعون لأنهم أهله، وأما أهل الجور والفسق والظلم، فليسوا له بأهل، ألا ترى إلى قول الله عزوجل لإبراهيم عليه السلام قال: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (١٢٤)} (٣) وإلى منازعة الظالم الجائر، ذهبت طوائف من المعتزلة وعامة الخوارج. وأما


(١) فتح البر (١/ ٤٧٥ - ٤٨٠).
(٢) أحمد (٣/ ٤٤١) والبخاري (١٣/ ٢٣٨/٧٢٠٠) ومسلم (٣/ ١٤٧٠/١٧٠٩) والنسائي (٧/ ١٥٥/٤١٦٠) وابن ماجه (٢/ ٩٥٧/٢٨٦٦) من حديث عبادة بن الصامت.
(٣) البقرة الآية (١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>