للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جوارح ولا نشبهها بالأيدي والأسماع والأبصار التي هي جوارح وأدوات للفعل ونقول: إنما وجب إثباتها لأن التوقيف ورد بها ووجب نفي التشبيه عنها لقوله تبارك وتعالى: {ليس كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} (١) وقوله عز وجل: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد (٤)} (٢)

ولما تعلق أهل البدع على عيب أهل النقل برواياتهم هذه الأحاديث، ولبسوا على من ضعف علمه، بأنهم يروون ما لا يليق بالتوحيد ولا يصح في الدين، ورموهم بكفر أهل التشبيه وغفلة أهل التعطيل، أجيبوا بأن في كتاب الله تعالى آيات محكمات يفهم منها المراد بظاهرها وآيات متشابهات لا يوقف على معناها إلا بردها إلى المحكم، ويجب تصديق الكل والإيمان بالجميع فكذلك أخبار الرسول - صلى الله عليه وسلم - جارية هذا المجرى ومنزلة على هذا التنزيل، يرد المتشابه منها إلى المحكم ويقبل الجميع، وتنقسم الأحاديث المروية في الصفات ثلاثة أقسام: منها أخبار ثابتة أجمع أئمة النقل على صحتها لاستفاضتها وعدالة ناقليها فيجب قبولها والإيمان بها، مع حفظ القلب أن يسبق إليه اعتقاد ما يقتضي تشبيها لله بخلقه، ووصفه بما لا يليق به من الجوارح والأدوات والتغير والحركات. القسم الثاني: أخبار ساقطة بأسانيد واهية وألفاظ شنيعة أجمع أهل العلم بالنقل على بطولها فهذه لا يجوز الاشتغال بها ولا التعريج عليها. والقسم الثالث: أخبار اختلف أهل العلم في أحوال نقلتها فقبلهم البعض دون


(١) الشورى الآية (١١).
(٢) الإخلاص الآية (٤) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>