للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاقتداء بأفعالهم، والانتظام في سلك أحد طرفيه متصل بصدر النبوة، والدخول في غمار قوم جدوا في إقامة الدين، واجتهدوا في إحياء السنة، شغفا بهم، وحبا لطريقتهم -وإن قصرت في العمل عن مبلغ سعيهم- طمعا في موعود الله سبحانه وتعالى على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن «المرء مع من أحب» (١)، ولأني رأيت أعلام الدين عادت إلى الدروس، وغلب على أهل الزمان هوى النفوس، فلم يبق من الدين إلا الرسم، ولا من العلم إلا الاسم، حتى تصور الباطل عند أكثر أهل الزمان بصورة الحق، والجهل بصورة العلم، وظهر فيهم تحقيق قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا». (٢)

ولما كان الأمر على ما وصفته لك، أردت أن أجدد لأمر العلم ذكرا، لعله ينشط فيه راغب متنبه، أو ينبعث له واقف متثبط، فأكون كمن يسعى لإيقاد سراج في ظلمة مطبقة، فيهتدي به متحير أو يقع على الطريق مسترشد، فلا يخيب من الساعي سعيه، ولا يضيع حظه، والله المستعان وعليه التكلان، وهو حسبي ونعم الوكيل. (٣)

- وقال رحمه الله: (باب مجانبة أهل الأهواء): قال الله سبحانه


(١) أحمد (٣/ ١٩٢) والبخاري (١٠/ ٦٧٧/٦١٦٧) ومسلم (٤/ ٢٠٣٢/٢٦٣٩) وأبو داود (٥/ ٣٤٥/٥١٢٧) والترمذي (٤/ ٥١٣/٢٣٨٥) من حديث أنس رضي الله عنه.
(٢) أخرجه: البخاري (١٣/ ٣٤٩/٧٣٠٧) ومسلم (٤/ ٢٠٥٨/٢٦٧٣) والترمذي (٥/ ٣٠ - ٣١/ ٢٦٥٢) وابن ماجه (١/ ٢٠/٥٢).
(٣) شرح السنة (١/ ٣ - ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>