للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن كلام الله غير مخلوق، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعاذ به، كما استعاذ بالله، فقال - صلى الله عليه وسلم -: {أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (٩٨)} (١) وقال: {أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١)} (٢) وقال: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم». واستعاذ بصفاته، كما جاء في دعاء المشتكي: «قل: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد» (٣) ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يستعيذ بمخلوق من مخلوق.

وبلغني عن أحمد بن حنبل رحمه أنه كان يستدل بقوله: «أعوذ بكلمات الله التامات» على أن القرآن غير مخلوق، لأنه ما من مخلوق إلا وفيه نقص. وقيل: كلمات الله في هذا الحديث: القرآن، وروي عن عكرمة قال: صلى ابن عباس على جنازة، فقال رجل من القوم: اللهم رب القرآن العظيم اغفر لي، فقال ابن عباس: لا تقل مثل هذا، إن القرآن منه بدأ وإليه يعود.

وقد مضى سلف هذه الأمة، وعلماء السنة على أن القرآن كلام الله، ووحيه ليس بخالق ولا مخلوق، والقول بخلق القرآن ضلالة وبدعة، لم يتكلم بها أحد في عهد الصحابة والتابعين رحمهم الله، وخالف الجماعة الجعد بن درهم، فقتله خالد بن عبد الله القسري بذلك، فخطب بواسط في يوم أضحى، وقال: ارجعوا أيها الناس فضحوا تقبل الله منكم، فإني مضح بالجعد ابن درهم، فإنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسى تكليما،


(١) المؤمنون الآيتان (٩٧و٩٨).
(٢) الفلق الآية (١).
(٣) أخرجه من حديث عثمان بن أبي العاص الثقفي: أحمد (٤/ ٢١) ومسلم (٤/ ١٧٢٨/٢٢٠٢) وأبو داود (٤/ ٢١٧/٣٨٩١) والترمذي (٤/ ٣٥٥/٢٠٨٠) وابن ماجه (٢/ ١١٦٣/٣٥٢٢) والنسائي في الكبرى (٦/ ٢٤٨ - ٢٤٩/ ١٠٨٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>