للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين: روى مسلم في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبضه بقبض العلماء، حتى إذا لم يبقَ عالم؛ اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا». (١)

فتدبّر هذا الحديث؛ فإنه يدل على أنه لا يؤتى الناس قطّ من قبل علمائهم، وإنما يؤتون من قِبل أنه إذا مات علماؤهم؛ أفتى من ليس بعالم، فيؤتى الناس من قِبله.

وقد صرّف عمر هذا المعنى تصريفاً، فقال: (ما خان أمين قطّ، ولكنه اؤتمن غير أمين فخان).

ونحن نقول: ما ابتدع عالم قطّ، ولكنه استُفتي من ليس بعالم؛ فضلّ وأضلّ. (٢)

- وقال: الباب الرابع في نقل غرائب البدع وإنكار العلماء لها:

فمن ذلك البدع المحدثة في الكتاب العزيز من الألحان والتطريب: قال الله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (٤)} (٣)؛ يعني: فصِّلْهُ تفصيلاً، وبيِّنْهُ تبييناً، وترسَّل فيه ترسيلاً، ولا تعجل في قراءته، وهو من قول العرب: ثغر رَتِلٌ ورَتْلٌ؛ إذا كان مُفْلجاً ذا فُرج.

قال مالك: (ولا تعجبني القراءة بالألحان، ولا أحبها في رمضان ولا في غيره؛ لأنه يشبه الغناء، ويُضحك بالقرآن، فيُقال: فلان أقرأُ من فلان).


(١) تقدم في مواقف البغوي سنة (٥١٦هـ).
(٢) كتاب الحوادث والبدع (ص.٧٦ - ٧٧).
(٣) المزمل الآية (٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>