اجتماع عند ختم القرآن في رمضان؟
فإن قيل: فهل يأثم فاعل ذلك؟
فالجواب أن يقال: أما إن كان ذلك على وجه السلامة من اللغط، ولم يكن إلا الرجال، أو الرجال والنساء منفردين بعضهم عن بعض، يستمعون الذكر، ولم تُنتهك فيه شعائر الرحمن؛ فهذه البدعة التي كرهها مالك.
وأما إن كان على الوجه الذي يجري في هذا الزمان؛ من اختلاط الرجال والنساء، ومضامة أجسامهم، ومزاحمة من في قلبه مرض من أهل الريبة، ومعانقة بعضهم لبعض -كما حكي لنا أن رجلاً وُجد يطأ امرأة وهم وقوف في زحام الناس! وحكت لنا امرأة أن رجلاً واقعها فما حال بينهما إلا الثياب! وأمثال ذلك من الفسق واللغط-؛ فهذا فسوق، فيُفسّق الذي يكون سبباً لاجتماعهم.
فإن قيل: أليس روى عبد الرزاق في التفسير: (أن أنس بن مالك كان إذا أراد أن يختم القرآن جمع أهله)؟
قلنا: فهذا هو الحجة عليكم؛ فإنه كان يصلّي في بيته، ويجمع أهله عند الختم، فأين هذا من نصبكم المنابر، وتلفيق الخطب على رؤوس الأشهاد، فيختلط الرجال والنساء والصبيان والغوغاء، وتكثر الزعقات والصياح، ويختلط الأمر، ويذهب بهاء الإسلام ووقار الإيمان؟!
وأيضاً؛ فإنه ما روي أنه دعا، وإنما جمع أهله فحسبُ. (١)
- وقال: فصل في بيان الوجه الذي يدخل منه الفساد على عامة
(١) كتاب الحوادث والبدع (ص.٧١ - ٧٦).