للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك أنهم يقولون إن الله تعالى أمر عباده بالطاعة وأرادها منهم ونهاهم عن المعصية ولم يردها منهم، فلم يكن ما أراد من الطاعة وكان ما لم يرد من المعصية، لأن العباد عندهم خالقون لأفعالهم بمشيئتهم وإرادتهم دون إرادة ربهم وخالقهم، وذلك ضلال بين وكفر صريح عند أكثر العلماء، لأنهم يلحقون العجز بالله تعالى في أن يكون ما لا يريد، ويريد ما لا يكون، والجهل به أيضا لأنهم إذا كانوا هم الخالقون لأفعالهم بمشيئتهم، فلا يعلم وقوعها منهم على قولهم حتى يفعلوها، وهذا كفر صريح وتكذيب لقوله تعالى في غير ما آية من كتابه، وذلك قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} (١) وقوله: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} (٢) وقال: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (٣) وقال: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (٤) وقال: {خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (٥) وقال: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} (٦) والآيات في الرد عليهم أكثر من أن تحصى وأبين من أن تخفى، وقد قال عون بن معمر سمعت سعيد ابن أبي عروبة وكان يترهب بمذهب أهل القدر يقول: ما في


(١) يونس الآية (٩٩).
(٢) الأنعام الآية (١٢٥).
(٣) الإنسان الآية (٣٠).
(٤) الرعد الآية (١٦).
(٥) الصافات الآية (٩٦).
(٦) الملك الآية (١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>