للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإجماع سلف الأمة وأئمتها. فإن الله تعالى يقول: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (١) الآية، فلم يأمرنا بالرد عند التنازع إلا إلى الله والرسول، فمن أثبت شخصا معصوما غير الرسول، أوجب رد ما تنازعوا فيه إليه، لأنه لايقول عنده إلا الحق كالرسول. وهذا خلاف القرآن.

وأيضا فإن المعصوم تجب طاعته مطلقا بلا قيد، ومخالفه يستحق الوعيد. والقرآن إنما أثبت هذا في حق الرسول خاصة. قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩)} (٢). وقال: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (٢٣)} (٣) فدل القرآن في غير موضع على أن من أطاع الرسول كان من أهل السعادة، ولم يشترط في ذلك طاعة معصوم آخر، ومن عصى الرسول كان من أهل الوعيد، وإن قدر أنه أطاع من ظن أنه معصوم، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الذي فرق الله به بين أهل الجنة وأهل النار، وبين الأبرار والفجار، وبين الحق والباطل، وبين الغي والرشاد، والهدى والضلال، وجعله القسيم الذي قسم الله به


(١) النساء الآية (٥٩).
(٢) النساء الآية (٦٩).
(٣) الجن الآية (٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>