للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جديرة بالإنكار وذلك أنهم يستدعون المعروفين بصنعة الغناء، وإن كانوا مشتهرين بالمفاسد والفحشاء ومعهم آلات اللهو المعروفة عند أهل البطالة والمجون واللغو، كالمزامير، والشبابات، والصلاصل والطارات، حتى إذا غصت المجالس بسكانها وأحضرت الأطعمة والحلاوات بألوانها، فأكلوا ملء بطونهم حتى لا يجدوا مساغاً لنفسهم ولا لمغنيهم، قد شغلهم استلذاذ تلك المآكل والنهم الذي هو أشغل شاغل عن اتقاء الحرام وخبث المواكل، فاندفع المغنون بتلك الأصوات والنغمات، وحركوا على مطابقته تلك المزامير والآلات، فحينئذٍ يذهب الحياء والوقار، ويختلط الشيوخ بالصغار، ويقوم الحاضرون على قدم، ويطربون طرب من شرب بنت الكرم، مع بنات الكرم فمنهم المشير بالأكمام والمتحرك بالأردان، والراقص رقص المجان، ومنهم من يكون له زعيق وزئير، و {إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (١٩)} (١)، لاسيما إن كان هناك شاهد، فكلهم له ساجد، وعليه متواجد ولحظ النفس الشهوانية واجد، ولتقوى الله والحياء منه فاقد، فيا للإسلام لهذا الداء العقام، كيف يرتاب أحد من عقلاء الأنام في أن مجموع هذا السماع حرام، وأن حضوره من الذنوب العظام، وإن هؤلاء على القطع والبت، كما قال الله تعالى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} (٢) لكن من غلبت عليه الأهواء، ركب عميا، وخبط خبط عشواء، ومن منع الأسماع والأبصار،


(١) لقمان الآية (١٩).
(٢) المائدة الآية (٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>