للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعتقدناه، وما لم يتعرضوا له سكتنا عنه، وتركنا الخوض فيه. هذه طريقة السلف، وما سواها مهاو وتلف، ويكفي في الردع عن الخوض في طرق المتكلمين ما قد ورد في ذلك عن الأئمة المتقدمين، فمن ذلك قول عمر بن عبد العزيز: من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر الشغل، والدين قد فرغ منه، ليس بأمر يؤتكف على النظر فيه. وقال مالك: ليس هذا الجدال من الدين في شيء، وقال: كان يقال: لا تمكن زائغ القلب من أذنك، فإنك لا تدري ما يعلقك من ذلك. وقال الشافعي: لأن يبتلى العبد بكل ما نهى الله عنه، ما عدا الشرك، خير له من أن ينظر في علم الكلام. وإذا سمعت من يقول: الاسم هو المسمى، أو غير المسمى، فاشهد أنه من أهل الكلام، ولا دين له. قال: وحكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد، ويطاف بهم في العشائر والقبائل، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأخذ في الكلام. وقال الإمام أحمد بن حنبل: لا يفلح صاحب الكلام أبدا، علماء الكلام زنادقة. وقال ابن عقيل: قال بعض أصحابنا: أنا أقطع أن الصحابة رضي الله عنهم ماتوا وما عرفوا الجوهر والعرض، فإن رضيت أن تكون مثلهم فكن. وإن رأيت أن طريقة المتكلمين أولى من طريقة أبي بكر وعمر فبئس ما رأيته. قال: وقد أفضى هذا الكلام بأهله إلى الشكوك، وبكثير منهم إلى الإلحاد، وأصل ذلك: أنهم ما قنعوا بما بعثت به الشرائع، وطلبوا الحقائق، وليس في قوة العقل إدراك ما عند الله من الحكم التي انفرد بها، ولو لم يكن في الجدال إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أخبر أنه الضلال، كما قال فيما خرجه

<<  <  ج: ص:  >  >>