للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا عمل إخوانه القرامطة الباطنية: صاروا يلزمون كل طائفة من طوائف المسلمين بالقدر الذي وافقوهم عليه مما هو مخالف للنصوص، ويلزمونهم بطرد ذلك القول حتى يخرجوهم عن الإسلام بالكلية.

ولهذا كان لهؤلاء وأمثالهم نصيب من حال المرتدين، الذين قال الله تعالي فيهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائم} (١). ولهذا آل الأمر بكثير من هؤلاء إلى عبادة الأوثان، والشرك بالرحمن، مثل دعوة الكواكب والسجود لها، أو التصنيف في ذلك، كما صنفه الرازي وغيره في ذلك. (٢)

- وقال: وهذا الذي ذكرته يجده من اعتبره في كتب ابن سينا كالإشارات وغيرها، ويتبين للفاضل أنه إنما بنى إلحاده في قدم العالم على نفي الصفات، فإنهم لما نفوا الصفات والأفعال القائمة بذاته، وسموا ذلك توحيدا، ووافقهم ابن سينا على تقرير هذا النفي الذي سموه توحيدا، بين امتناع القول بحدوث العالم مع هذا الأصل، وأظهر تناقضهم. ولكن قوله في قدم العالم أفسد من قولهم، ويمكن إظهار تناقض قوله، أكثر من إظهار تناقض أقوالهم. فلهذا تجده في مسألة قدم العالم يردد القول فيها، ويحكي كلام الطائفتين وحجتهم كأنه أجنبي، ويحيل الترجيح بينهما إلى نظر الناظر، مع ظهور


(١) المائدة الآية (٥٤).
(٢) درء التعارض (٨/ ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>